وزير القوى العاملة الجديد: صفقات مشبوهة وعلاقات مظلمة
في ظل تعيينه وزيراً للقوى العاملة في حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، يبرز اسم الوزير الجديد محمد جبران في دائرة الضوء، ولكن ليس لأسباب تتعلق بكفاءته المهنية أو قدراته الإدارية، بل بسبب خلفيته المثيرة للجدل والمليئة بالاتهامات الخطيرة التي تتعلق بفساد مالي ومع تصاعد الشكوك حول مدى تأثر قراراته ، تضاف إلى هذه الصورة المشوهة دلائل جديدة على فساد مالي لا يمكن تجاهله.
الأحداث الأخيرة تكشف عن أن الوزير الجديد كان، حتى ساعات قليلة قبيل تعيينه، يسعى جاهدًا لتفادي الاتهامات المتعلقة التي نسبت اليه وقت ان كان رئيسا للنقابة العامة للعاملين بالبترول
ويضاف ذلك إلى قائمة مشاكله المثيرة للقلق تفاصيل مروعة حول صفقات مالية مشبوهة وشركات وهمية تتخفى وراء واجهات لا تعكس الواقع الحقيقي.
في كافيتيريا سياحية على طريق رأس غارب - الزعفرانة، حيث تدور الأحاديث بين المراقبين والمطلعين، ترددت إشاعات عن عشرات الملايين من الجنيهات التي تدفقت فجأة إلى الوزير بعد أن تولى منصبًا قياديًا في النقابة العامة للبترول. فقد قام، بعد توليه هذا المنصب مباشرة، بتأسيس شركة مقاولات باسم شقيقة زوجته، وهي الشركة التي حصلت على عشرات العقود بالإسناد المباشر من شركات في قطاع البترول.
الشركة التي يديرها زوج شقيقة زوجته، لم تكن إلا واجهة لمصالح الوزير الحقيقية. ففي حين تبدو الأوراق الرسمية بعيدة عن أية صلة بالمسؤول النقابي، فإن الواقع يكشف عن علاقة وثيقة بين الوزير والشركة. إنها تجسد نموذجًا جديدًا من شركات الـ"أوف شور" ولكن من داخل البلاد، حيث يتم تأسيس شركة تحت أسماء قريبة من الشخص المعني، لتظهر في الأوراق وكأنها تابعة لشخص آخر بعيد عنه، بينما تكون ملكيتها الحقيقية تحت سيطرته.
هذه الطريقة الجديدة في إخفاء الملكية الحقيقية للشركات تعكس استخدامًا مكيافيليًا للقوانين والأنظمة بهدف إخفاء الفساد المالي. في الوقت الذي يُفترض أن تكون فيه المنصات القيادية في القطاع العام نموذجًا للنزاهة، نرى أن هؤلاء الذين يتسلقون إلى هذه المناصب يتخذون من قضايا الفساد وإخفاء المصالح الشخصية وسيلة لتحقيق أهدافهم.
وفي سياق هذه الفضائح، يظل السؤال الأكثر إلحاحًا: كيف يمكن للدولة أن تضمن نزاهة وشفافية عمل مؤسساتها إذا كان وزراؤها أنفسهم متورطين في قضايا فساد واستغلال نفوذ؟ إن ما يحدث هو صورة من صور الفساد الإداري والمالي التي لا يمكن قبولها بأي شكل من الأشكال، ويجب على الجهات المختصة فتح تحقيق جاد وشفاف لكشف جميع جوانب هذه القضايا ومعاقبة المتورطين فيها.
إن الوضع الراهن يتطلب وقفة جادة ومسؤولية كبيرة من الحكومة وكافة المؤسسات المعنية. فالدور الذي يجب أن يلعبه الوزير هو تعزيز العدالة والتأكد من أن كل تصرفاته تتماشى مع القوانين واللوائح، وليس استغلال منصبه لتحقيق مصالح شخصية ومشبوهة. حان الوقت لمحاسبة هؤلاء الذين يظنون أن المنصب هو وسيلة للثراء السريع والإفلات من العقاب.
نحن على أعتاب مرحلة حرجة، وإذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لكشف الحقائق ومحاسبة المسؤولين، فإن الثقة في المؤسسات الحكومية ستظل على المحك، وسينعكس ذلك سلبًا على سمعة الدولة ككل.