21 جمادى الثانية 1446 الموافق الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس التحرير
هاني ابوزيد
رئيس التحرير
هاني ابوزيد

هاني ابوزيد يكتب : الأهداف الغامضة لسامح فهمي في وزارة البترول

هاني ابوزيد يكتب : الأهداف الغامضة لسامح فهمي في وزارة البترول

المهندس سامح فهمي
المهندس سامح فهمي وزير البترول الاسبق

 

كان رجلًا ذو شهرة كبيرة، كان اسمه ملء السمع والبصر، وكان محاطًا بالتقدير من قبل الناس الذين لتفون حوله. لكن، تغيرت حياته ودخل إلى دائرة النسيان ولم يعد يهنأ إلا بالعيش وسط الذكريات المفقودة. هذا التغيير المفاجئ تسبب له في الكثير من الألم النفسي وبدأ يشغل وقته صبح وليل في الحديث عن إنجازاته التي حققها في الماضي، وكثير منها لم يكن أنجازات حقيقية على الأرض، بل كانت كلها بروباجندا رخيصة من جماهير المنتفعين الذي أحاط بهم نفسه طوال خدمته.

ولكن، حدث له تحوّل مفجع في حياته خرج به من دائرة الضوء إلى غياهب الظلام الدامس. توقفت كل عبارات المديح التي كان يستيقظ عليها وينام عندها كل يوم، دخل مدفوعًا بعنف إلى دائرة النسيان. فجأة، أصبحت كل الأحداث والتجارب والإنجازات التي حققها في الماضي مجرد ظلال باهتة. هذا الانقلاب الكبير في حياته أحدث له صدمة نفسية كبيرة.

عن سامح فهمي وزير البترول في عصر مبارك أحدثكم، عن الرجل الذي جلس على مقعده وزيرا للبترول بين ١٩٩٩ و٢٠١١، وما صاحب ذلك من خسائر عنيفة طالت قطاع البترول المصري بسبب سياساته القاتلة.

فعلى الرغم من وضوح أنماط الاستهلاك والإنتاج في مصر فقد سعى سامح فهمي إلى التوسع في توقيع عقود لتصدير الغاز منذ بداية الألفينات بقصد تحقيق عائد تصديري بالعملة الصعبة، وسرعان ما ثبت واقعيا عدم قدرة مصر على تلبية تلك الالتزامات إزاء بلدان كإسبانيا بل والعجز عن توفير الإنتاج الكافي من الغاز لتوليد الكهرباء مما عرض الاقتصاد المصري لخسائر كبيرة من جراء انقطاعات الكهرباء المتتالية خاصة في فصل الصيف.

ومع أنه من الثابت أن استهلاك مصر من البترول قد تجاوز إنتاجها منذ ٢٠٠٦، فإن الرجل –فهمي- لم يسع ولو لمرة إلى تدارك أزمة كهذه، وكان الانتظار لحين انقطاع الكهرباء حرفيا وتوقف طوابير السيارات في انتظار الوقود لدى المحطات حتى تقرر الحكومة مسائل جوهرية كالسماح باستيراد الفحم والتحول لتوليد الكهرباء بالفحم وتعديل النظم القانونية الحاكمة لتسعير الطاقة المتجددة.


إلى ذلك فقد بدأ سامح فهمي يشعر بالفقدان والضياع. لم يعد يرى وجوه الأشخاص الذين كان يعرفهم وكانوا يتكلقونه. فقد تلاشت ذكرياته الثمينة والمهمة معهم، بما في ذلك تفاصيل المزايا التي حققها لهم وقت وجوده في الوزارة. هذا التغيير الجذري في حياته أدى إلى انكسار نفسي وتراجع في ثقته الذاتية.

وسط حزنه وألمه النفسي، قرر الرجل البحث عن ماضيه المفقود. بدأ يبحث بشكل مستميت عن أي مؤشر أو أدلة تقوده إلى الذكريات المفقودة. قام بالتفتيش في صور قديمة، مذكرات، ومراجعة مقابلات ومقاطع فيديو له.

كل ذلك بهدف إعادة بناء قطع من حياته المفقودة واستعادة هويته الضائعة. 
 وفي سبيل ذلك بدأ يجتمع بالمحررين المعتمدين لدى قطاع البترول في نادي سكاي القطامية، وفي سعيه إلى استعادة توازنه النفسي بدأ يتحدّث عن تاسيس منتدى للبترول يصدر الدراسات والأبحاث والتقارير، مستعينًا في ذلك بمحرري القطاع من الصحفيين المنتدبين من جرائدهم لدى وزارة البترول.

الحكاية أن عدد من المحررين الذي جلبهم له  صحفي  بدأوا يطلبون رواتبهم عن الأوراق التي قدموها للوزير، لكنهم استيقظوا على مفاجأة مؤلمة.. العمل مع الوزير تطوعي، وأن الهدف الرئيس ليس دراسات وأبحاث بل الحصول بشكل دوري على بواطن ما يدور في الوزارة.. لأسباب غامضة.